عم سعيد رئيس نادي
بينما كان عم سعيد مستغرقاً في نومه إذا بهاتفه الجوال يرن ليوقظه من حلمه الجميل والهادئ.
رد عم سعيد على المتصل ودار هذا الحوار بينهما:
عم سعيد: الو مرحبا.
الهاتف: الو سلام الله عليكم أكلم العم سعيد لو سمحت.
عم سعيد: معاك عمك سعيد على الطبيعة هات ما لديك؟
الهاتف: معك مازن من مؤسسة المصمم الرقمي للخدمات الإلكترونية وحابب أبلغك بأنك ربحت معنا الجائزة الأولى.
عم سعيد: ما شاء الله أجل ربحت أنا ها.
الهاتف: نعم يا عم سعيد ربحت ثلاثمائة ألف ريال الجائزة الأولى من خلال اشتراكك بالمسابقة الخاصة بالمؤسسة على الفيسبوك.
عم سعيد: أقولك يا ولدي اعطيني اللي جنبك ويبغى يمقلبني قال فيسبوك قال وانا معطل حسابي من ثلاث أشهر.
الهاتف: والله يا عم سعيد ليس مقلب انت اشتركت عبر صفحة المؤسسة على الفيسبوك ولنا شهرين بندور لك نرسلك على بريدك الالكتروني وانت ما ترد علينا.
عم سعيد: طالما حلفت بالله صدقتك، بس ياليت تفكرني ايش كانت المسابقة.
مازن: كانت سجل بياناتك ولو كنت الزائر المليون تحصل على الجائزة الكبرى.
عم سعيد: إيوا إيوا افتكرت سجلت معكم قبل ما أعطل حسابي بيوم.
مازن: يا عم سعيد نبغاك تشرفنا بمقر المؤسسة علشان نسلمك الشيك ونصورك علشان الجرايد والتلفزيون.
عم سعيد: كمان فيها تلفزيون يعني على كدا بأصير مشهور.
مازن: أكيد عم سعيد رايح تنشهر والعالم تأشر عليك. ننتظرك بكرة يا عم سعيد بعد صلاة العصر.
وفي اليوم التالي ذهب العم سعيد لمقر مؤسسة المصمم الرقمي ووجد بانتظاره مالك المؤسسة الأستاذ خالد والمدير التنفيذي الأستاذ فوزي ومدير العلاقات العامة الأستاذ عيسى والمسئول عن الإعلانات بالمؤسسة السيد مازن، كما وجد كم كبير من الصحفيين والعديد من قنوات اليوتيوب التي تشرف عليها المؤسسة وتنتج برامجها وقنوات فضائية.
كان نجم الليلة هو عم سعيد فقد كان الحفل على شرفه وهو حفل المؤسسة الأول وقد قامت المؤسسة بتسليم المميزين من العاملين لديها جوائز وشهادات شكر وتقدير ليعلن السيد مازن أنه حان الآن تسليم الجائزة الكبرى المقدمة من المؤسسة وقدرها ثلاثمائة ألف ريال، وصعد العم سعيد ليحمل الشيك الضخم والمعمول من الفلين وأيضاً استلم الشيك الحقيقي من مالك المؤسسة وسط تصفيق الحضور.
قرر عم سعيد استغلال الجائزة ويعمل مشروع تجاري فهذا اكبر مبلغ يحصل عليه بحياته كلها.
فكر عم سعيد كثيراً وقرر أن يفتح مطعم مأكولات بحرية، فزوجات اليوم ليسوا كزوجات الماضي اللاتي كن يطبخن بأنفسهن ويقمن بكل شئون البيت.
ولكن سرعان ما تبخر القرار فقد وجد العم سعيد أن الدنيا أصبحت نار وإيجار المطعم راح يأخذ ثلاث أرباع مبلغ الجائزة، لذا قرر أن يفتح محل صغير للأسماك.
كالعادة عم سعيد فنان ومبتكر لذا ابتكر طريقة جديدة ليوسع محله الصغير، فاتفق مع صيادين على شراء صيدهم، وأيقن بأن معظم الناس لديها كراهية لشراء السمك وحمله بداخل سياراتهم وذلك بسبب الريحة المنبعثة من طبخة وتظل عالقة بالسيارة لعدة أيام فقرر أن يقدم خدمة التوصيل.
وكان برنامج التوصيل مبتكر أيضاً فالتوصيل ليس لكل من هب ودب.
فعم سعيد يرغب في تطوير أعماله ويطمح لأن يكون رئيس نادي فهو يعشق كورة ويعلم بأنه لن يكون رئيساً لنادي رياضي وهو خاوي الجيوب فيريد أن يملأها نقوداً لذا كان يشترط للتوصيل أن يكون الشخص عضو في برنامجه السماك وهو عبارة عن اشتراك شهري ويقسم لثلاث فئات الفئة الأولى وهي فئة الخاصة وسعرها شهرياً ألفين ريال وتشمل على خمسين كيلو من السمك وبدون تحديد النوعية وبدون تحديد الكمية، وهناك السمَّاك الفضي وهي عضوية سعرها الشهري ألف ريال وتشمل على ثلاثين كيلو من السمك ومحدد عدد الكيلوات من كل نوع من السمك ومحددة أعلى كمية مسموحة، وأخير السمَّاك النحاسية واشتراكها الشهري خمسمائة ريال وهي عبارة عن خمسة عشر كيلو من السمك مقتصرة على ثلاث أنواع من السمك وهي الشعور، الحريد، والهامور فقط ومحدد كيلو واحد فقط في كل مرة طلب.
وباعتبارنا قوم كسالى ونحب المظاهر تفاجأ العم سعيد بانضمام عدد كبير من البشر في برنامجه ليكون هو مبتكر أول برنامج عضوية مدفوعة وقد بلغت قيمة الاشتراكات حوالي مليون وخمسمائة ألف ريال.
عم سعيد قرر أن يشتري قارب صيد وسيارة ثلاجة، وأن يفتح محلات أخرى، ولعل نظرة عم سعيد التجارية ذات مداً بعيد.
وبالفعل اشترى القارب وفتح خمسة محلات أخرى، أصبح محل السمَّاك من أشهر محلات السمك بالمنطقة فالسمك طازج والتوصيل على العضوية والعضوية فيها كيلوات من السمك قد تمنع عنك الحرج في لحظات الطَفر.
عم سعيد صار من المليونيرات خلال سنتين فقط من تسلمه تلك الجائزة التي غيرت حياته، وطيلة تلك الفترة كان عم سعيد يوصل السمك وبالمجان لتلك الأسماء التي تم ذكرها بالأعلى والخاصة بالمؤسسة.
عم سعيد كان طيلة تلك الفترة وحتى الفترات القادمة يوزع عشرة بالمئة من أرباحه على الفقراء والمساكين.
لقد ازدانت تجارة عم سعيد وتطورت من السمك إلى الألبسة والمجوهرات والمطاعم والعقارات.
قرر عم سعيد يبدأ مشروعه الجديد والمبتكر والذي سيقوده إلى رئاسة نادي الوحدة النادي الأول بالمدينة التي يعشق ترابها نادي مكة المكرمة التي هي أول مدينة تُمارس على أرضها لعبة كرة القدم من المدن السعودية.
جمع عم سعيد بعض لاعبي الأندية المعتزلين وطلب منهم عمل دورة رياضية للناشئين حيث تضم الفئة العمرية من 15 إلى 17 عام.
وتم ما أراد لعم سعيد وتمت الدورة ليخرج بعدها بعدد 18 لاعب موهوب وعقد اتفاقيات مع أولياء أمورهم ليرسلهم للبرازيل وهناك كون فريق عمل لاحتضان هذه المواهب لمدة ثلاث سنوات ويتم إدخالهم لمدرسة داخلية ويتم تعليمهم هناك المرحلة الثانوية وكيفية احترام الوقت وتطوير الذات ولعل الأهم هو تطوير وصقل مهاراتهم وكانوا هم عناصر فريق ناشئين أحد فرق الدرجة الثانية بعد أن اشتراه العم سعيد.
وفي نفس الوقت قام العم سعيد بالحصول على عضوية النادي المميزة وهي عضوية الفارس وخصص أرباح محل من محلات السمك كدعم لفريقه.
بعد أن جهز عم سعيد فريقه الشاب والذي يضم أيضاً مجموعة من اللاعبين الأجانب المقيمين بالسعودية قرر الدخول في معترك انتخابات الرئاسة الوحداوية، والتي كانت سهلة جداً فلم يكن هناك يرغب بدفع مبالغ مالية في فريق محطم، ومنهار وأعضاء الشرف يحاربون بعضهم البعض.
عندما استلم عم سعيد رئاسة النادي قرر أن يحول النادي إلى مؤسسة تدار بحرفية وعمل فني متقن.
فقرر البدء في الاستثمار الإلكتروني، لذا عمل موقع خاص بالنادي وكان يضم الموقع على قسمين قسم مجاني وقسم مدفوع.
القسم المجاني هو قسم المعلومات ويشمل معلومات تاريخية، رؤساء النادي، البطولات، اللاعبين القدامى والحديثين، آخر الأخبار ودفتر الزوار.
بينما ضم القسم المدفوع البث المباشر لمباريات فرق النادي لجميع الألعاب، مكتبة الفيديو، لقاءات اللاعبين بعد كل مباراة، صوت الجماهير وهو منتدى يتيح لصاحب العضوية المدفوعة الكتابة والنقد الهادف والبعيد عن التعصب، مسابقة النادي الكبرى وأخيراً السوق الإلكتروني للنادي حيث يباع فيه فانيلات النادي الرسمية ومزيلة بتوقيع اللاعبين، وغيرها من المنتجات الرياضية سواء كانت تخص النادي أو تخص الشراكات المميزة مع النادي.
وبعد ذلك دمج العم سعيد عضوية الموقع الإلكتروني مع عضوية النادي، حيث يحصل صاحب العضوية الإلكترونية على بطاقة عضوية النادي والتي تُقدم خصومات مميزة على الخدمات الطبية والسياحية والتعليمية والرياضية لنخبة من الشركات المحلية والعالمية، كما يحصل العضو على تذاكر دخول المباريات المقامة على أرض النادي، ويحصل على أخبار النادي من خلال الجوال والموقع وتطبيقات الجوال وكل هذه الخدمات تُقدم بسعر خمسمائة ريال فعم سعيد يعلم بأن هناك طلبة وهناك عشاق للنادي لا يملكون النقد الكافي لشراء العضوية.
وبعد أن انتهى عم سعيد من الموقع الإلكتروني وربطه بالواجهات الإعلانية في غوغل واليوتيوب، قرر أن يقوم بتغيير شامل في إدارة النادي، حيث عمل سلم ووصف وظيفي لكل وظائف النادي وقرر أن يحصل على علامات الجودة مثل ايزو 9002 وغيرها.
وعم سعيد لم يهدا له بال فقد قرر أن يكون النادي ذو قاعدة عضوية شرفية رفيعة المستوى وعالمية، لذا وبعد اكتمال الوصف الوظيفي لكل الوظائف اسند المهمات على حسب الوصف الوظيفي وقرر أن يتفرغ هو في توسيع القاعدة الجماهيرية واستطاع أن يستغل مكانة مكة المكرمة في تحقيق عضويات شرفية رفيعة المستوى وبها رؤساء دول ومشاهير.
هذا على مسار الاستثمار والقاعدية، ولكن هناك مجال آخر كان للاستثمار وهو في اللاعبين لذا قام بإرسال الفريق للاستعداد بألمانيا وبعد عودة اللاعبين من ألمانيا وجدوا بانتظارهم عقود لأندية أخرى فهو لديه 18 لاعب جاهز وسيكون هم الأساسيين.
ورغم الرفض الجماهيري الكبير في تصرف العم سعيد إلا أنه بكل ذكاء تغلب على هذه المعضلة بعمل مجلس استشاري من الجماهير يتم انتخابه من قبل الأعضاء فقط، وبعد تأسيس المجلس في اقل من أسبوع عرض عليهم مع أعضاء الشرف لقطات من مباريات الفريق الجديد الذي يسكون متواجد قبل بدء الدوري بيوم.
عم سعيد لديه العديد من الأفكار ولكن تحتاج إلى صفحات وصفحات لذا نكتفي بهذه الأفكار لنعود مع عم سعيد إلى أول مباراة يلعبها الفريق الجديد وكيف استطاع أن يضع بالمنصة رجال ثقال بالمجتمع العربي كأعضاء شرف لنادي مكة الأول، ومع فريق شاب أكبر لاعب لم يتعدى العشرين عاماً ليصنع الفرق بالكورة السعودية وذلك من خلال انضباط اللاعبين تكتيكيا والمهارات الفردية العالية والإمكانات الجسدية المميزة. ويحقق الفريق البطولات بعد غياب مدته خمسين سنة ليعود الفريق مع العم سعيد ويحتكر البطولات المحلية والقارية والدولية طيلة أربعة أعوام.
وفجأة يدق المنبه معلنا دخول وقت صلاة الفجر، ويسمع عم سعيد الصوت الملائكي الذي تعود على سماعه طيلة ثلاثين عاماً والكلمات الرنانة يا متدهول ويا منيل ويا.. ويا… ويا.
ويستيقظ عم سعيد وهو يغلي من داخله فبعد الملايين عاد ليجد نفسه وسط الديون.