أوراق مبعثرة… من حياة ممرض(9)

الورقة التاسعة (كعب داير)

عندما ترى الخطأ يجب أن يكون لك موقف…

فلا تسكت عن الخطأ أو تحابي المخطئ…

وكن على موقفك مهما حصل…

لقد كنت أعمل بقسم الجراحة والعظام وكان يرأسه زميل لي اسمه حيدر…

حضرت حالة جديدة من قسم الطوارئ…

شاب كان يركب على دباب(دراجة نارية) وعمل حادث…

وكعادة قسم الطوارئ يستقبل وينقل فقط…

دون أن يتدخل طبياً لإسعاف الحالة…

حالة الشاب تحتاج إلى تدخل سريع…

حيث أنه يعاني من كسر مضاعف بالفخذ…

وخرجت العظمة من قوة الكسر…

وهناك نزيف مستمر…

مما دعاني لطلب الطبيب المقيم…

والذي لم يحضر…

ومازال المريض يتألم ويصرخ من شدة الألم…

ذهبت إلى رئيس القسم (حيدر)…

وأخبرته بالحالة…

وجاء معي إلى الحالة وشاهد وضعها…

وقام بعمل نداءات متكررة للطبيب المقيم…

ولكن لا حياة لمن تنادي…

وبعد حوالي ساعة من الزمن…

جاءت الطبيبة أمل لترى الحالة…

وحصلت مشادة بينها وبين حيدر…

بسبب النداءات المتكررة…

والدمع ذرفته محاجرها…

فقد كان الوضع متأزم جداً…

وطلبت عرض الحالة فوراً على أخصائي العظام المناوب…

وصعدت إلى غرفة الأطباء…

وظننا أن الوضع قد انتهى…

ولكن فوجئنا بمدير الخدمات الطبية الدكتور/ خالد يطلب حيدر…

وذهب حيدر إليه…

فقال له بأن هناك شكوى عليه من الطبيبة…

بسبب صراخه فيها…

وبسبب عمل نداءات متكررة…

فأخبره حيدر بما حصل…

فقال له خير ان شاء الله…

ولم يمضِ سوى يوم أو يومين…

ليتم استدعاء حيدر للتحقيق…

وتم تجريده من رئاسة قسم الجراحة والعظام…

إلى ممرض بقسم الطوارئ…

حقيقةً كانت صدمة…

فالموقف كان انساني…

والمشادة بدأتها الطبيبة…

ليتم إقصاؤه من رئاسة القسم…

وتم البحث عن رئيس للقسم…

تم عرضها على زميلنا حسين…

ولكنه سيذهب إلى بلده تونس في إجازة سنوية…

ليتم عرضها على العم محمد…

فقال العم محمد بلهجته التونسية أنا مانجمش…

أي أنه لا يستطيع على رئاسة القسم…

ليتم عرضها علي…

فرفضت وبشدة فكيف استلم رئاسة قسم وقد تم إقصاء رئيسه بسبب غير مقنع…

فطلبت مني رئيسة التمريض جميلة أن أكتب تعهد…

رفضت كتابة التعهد…

ليتم نقلي إلى قسم العناية المركزة…

ولم يمضِ اسبوعين…

ليتم نقلي إلى قسم الطوارئ…

وأمضيت هناك شهراً…

ليتم نقلي مرةً أخرى إلى قسم العناية المركزة…

وبعد شهر بالعناية يتم نقلي إلى الباطنة…

وبعد شهرين من العمل بالباطنة يتم نقلي إلى قسم الحميات…

إنه كعب داير بسبب رفضي رئاسة القسم…

عندما تكون مسؤولاً تذكر بأن تراعي الله في عملك وفي رعيتك من الموظفين…

وتذكر بأن الظلم ظلمات يوم القيامة…

وأن تعمل بالمجال الصحي يجب أن تتحكم بك انسانيتك قبل أي شيء…

فلا تنظر إلا لصالح المريض…

وأعلم بأننا في حاجة إلى قادة وليس مدراء…

ودمتم طيبين،،،،