أوراق مبعثرة… من حياة ممرض(8)
الورقة الثامنة ( ضحية الإهمال)
ورقتنا اليوم ورقة حزينة…
ورقة فيها عبرة وفيها عظة…
يقولون أن الأم مسؤولياتها عظام…
وهي بالفعل كذلك…
فالأم هي من تضحي بوقتها…
وتتعب بلا كلل أو ملل…
لأجل طفلها…
وكم تخلت جُل أمهات اليوم عن دورها…
فرمت فلذة كبدها إلى شغالة أو مربية…
واضحت تبحث عن سعادتها…
وعن لهوها واشباع رغباتها…
لم تَعد كما كانت…
وكما عهدناها…
عندما نقارن بين الأمهات عبر الأزمن…
نجد أن الكثرة من أمهات اليوم مهملات…
غير قادرات على الوفاء بالتزامها نحو طفلها…
قد يكون للطفرة التي نعيشها دوراً في ذلك…
ولكن هناك أمهات مازلن يضحين لأجل فلذات الأكباد…
فلا تقبل أن تمس طفلها إلا من قبلها…
وورقة اليوم تذكرتها من خلال ذاكرتي المبعثرة…
حيث كنت أعمل بالطوارئ…
وكانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً…
وجاء وهو يحمل طفلة في ربيعها الأول…
وقد فارقت الحياة…
وجثتها تعاني الجفاف…
مع سخونة الجسم الناتجة عن أشعة الشمس…
جاء وهو يحاول انقاذ اهمال الأم ثم الأب ثم الأسرة بأكملها…
ولكن القدر قد قال كلمته…
وكان العقاب على الإهمال شديداً جداً…
وبسؤاله عن ما حدث…
أجاب وهو يبكي ومنهار…
كنا بالأمس في فرح خارج الديار…
وعدنا إلى المنزل بعد صلاة الفجر…
أوقفت السيارة…
وخرجت إلى المنزل…
وبعدها دخل الجميع…
ونمنا بعد تعب…
واستيقظنا على الحادية عشر صباحاً…
فاستفقدتها…
سالت عنها أمها…
فقالت لي مع الخادمة…
ناديت الخادمة…
وقالت لا تعلم عنها شيئاً…
بحثنا بكل المنزل…
لم نجدها…
خرجت إلى فناء المنزل…
وذهبت إلى سيارتي…
فوجدتها هناك…
لقد نسيناها…
ولم نكلف انفسنا بالسؤال عن بعضنا…
نتيجة التعب والإرهاق…
بعد حفل عرس صاخب…
فتحت باب السيارة…
وجدتها على هذه الحالة…
انطلقت بسيارتي إلى هنا…
لتخبروني أنها فارقت الحياة…
كم نحن جناة…
قتلناها بإهمالنا…
نعم الإهمال قاتل…
فكم من فتاة ضاعت نتيجة إهمال…
وكم من فتى مات بسبب إهمال…
الإهمال وهو نقيض الاهتمام…
قد يكون الموت بسببه معنوي…
وقد يكون الموت بسببه حقيقي…
هنا أهملت الأم طفلتها…
وظنت أنها مع الخادمة…
وأهمل الأب دوره ولم ينتظر حتى يتأكد…
من أن الجميع قد دخل إلى المنزل…
أهمل الأخوة اختهم فلم يستفقدوها…
وأهملت الخادمة طالما صاحب الشأن مهمل…
فلتعلم عزيزي…
ان الاهمال نتائجه وخيمة…
فلا تهمل في متابعة فلذات كبدك…
ولا تهمل الاهتمام بهم…
وأعلم انك مُحاسب…
وأنك مسؤول عن رعيتك…
ابحث عن مكامن الخلل…
واصلح من حالك…
ودمتم طيبين،،،،