ليلى
لنغوص معًا في قصة مثيرة لإحدى الفتيات التي عانت من حالة خفية كادت أن تدمرها، لكنها استطاعت في النهاية التغلب عليها بشجاعة وإرادة لا تُقهر.
كانت ليلى البالغة من العمر 27 عامًا مثالًا للنجاح في عيون الجميع. سيدة أعمال واعدة تملك شركتها الخاصة، محاطة دومًا بالأصدقاء المقربين، وحياتها منظمة بشكل لا يصدق. لكن ما لا يعرفه أحد هو أن ليلى كانت تحمل أسرارًا قاتمة داخلها، وتقاوم بكل قوتها لئلا تنهار أمام الجميع.
فقد كانت تعيش حالة من الصراع الداخلي المرير، حيث تظهر بمظهر الفتاة المتزنة الواثقة، بينما تعاني من هواجس القلق والتوتر الشديد الذي كاد يطغى عليها في أوقات كثيرة. كانت تبتلع مشاعرها وتخفيها خلف ابتسامتها المشرقة كالشمس، لكن جوفها كان يغلي بالمخاوف والضغوطات التي لا تُحتمل.
حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي تغير فيه كل شيء. أثناء عملها حتى ساعات متأخرة من الليل في مكتبها، شعرت ليلى فجأة بضيق شديد في التنفس، وكأن جدران المكتب تضيق عليها بشكل خانق. شعرت بالذعر والعجز وهي ترى العالم يتلاشى من حولها.
كانت تلك اللحظة بمثابة إنذار أخير قبل الانهيار الكامل. أدركت ليلى أنها لا تستطيع مواصلة هذا النمط من الحياة، وأنه آن الأوان لمواجهة ما بداخلها قبل فوات الأوان. بدأت رحلة شاقة للتعافي والبحث عن السلام الداخلي…
…ومع الوقت والعمل الجاد على نفسها، تمكنت ليلى من التغلب على حالتها الخفية واستعادة توازنها الداخلي. لم تعد تشعر بالحاجة للتظاهر بالهدوء أمام الآخرين، بل أصبحت تتمتع براحة حقيقية من الداخل والخارج.
تعلمت كيف تتعامل مع القلق والتوتر بطرق صحية، وأصبحت أكثر صدقًا مع نفسها ومن حولها حول مشاعرها الحقيقية. وفي النهاية، وجدت التوازن المنشود بين متطلبات العمل والحياة الشخصية، لتعيش بسعادة وهدوء كالبجعة البيضاء التي تسبح براحة على سطح البحيرة الهادئة.
هل تعرف ما اسم الحالة الخفية التي عانت منها ليلى؟ وهل واجهت أنت أو أي شخص تعرفه مثل هذه المعاناة من الداخل؟
تُسمى الحالة الخفية التي عانت منها ليلى “متلازمة البطة” أو “سلوك البطة”.
تشير هذه المتلازمة إلى الأشخاص الذين يبدون هادئين ومتزنين على السطح، لكنهم يكافحون بشدة تحت الماء للحفاظ على هذا المظهر الهادئ. فمثل البطة التي تبدو متأرجحة براحة على سطح الماء، لكنها تضطر للسباحة بجد شديد تحت الماء، هؤلاء الأشخاص يواجهون ضغوطًا وقلقًا داخليًا لا يظهرونه للعالم الخارجي.
يتظاهرون بالهدوء والكفاءة في حين أنهم يكافحون من الداخل للوفاء بكل المتطلبات والتوقعات. هذا الصراع الداخلي يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق والاكتئاب والقلق إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. لحسن الحظ، تمكنت ليلى من التعرف على متلازمة البطة لديها ومواجهتها للتعافي والعيش بسلام داخلي حقيقي.
في صمتٍ كانت تكابدُ وحدَها
وتكتُمُ الأحزانَ في صدرِها
ببراعةٍ أخفَتْ تحت الوجهِ المُشرِقِ
كُلَّ القلقِ والخوفِ المُرعِبِ
مِثلَ البَطَّةِ هادئةٌ على السطحِ
وتحتَ المآءِ جاهدةٌ تصارِعُ
لا أحدٌ يَعلَمُ ما تخفيهِ
في قلبٍ مُتعَبٍ يئنُّ ويتألّمُ
حتى يومٌ عصفَ بها نحو الحقيقةِ
وأدركَتْ أن طريقها قد انتهى
لا بدَّ من نهايةٍ لهذا الصِّراعِ
والتخلُّصِ مما بداخلِها يرهَقُها
فاستجمعَتْ قواها وبدأت مسيرَها
نحو التحرُّرِ من هذا الوهمِ الخادِعِ
وسبحَتْ براحةٍ بعيداً عن الشاطئِ
هادئةً نفساً ومُطمئنَّةً قلباً