الورقة السابعة عشر

أوراق مبعثرة… من حياة ممرض17

بقلم فوزي بليله

قد يظن البعض أن ما بداخل الورقة هو خيال…

ولكن ما بأوراقي هي حقيقة عشتها…

أو قصة رأيتها…

فالحياة مليئة بالقصص والعبر…

بينما كنت أعمل بقسم الطوارئ…

وهو من أفضل الأقسام من ناحية العمل بعد العناية المركزة والتي هي قمة الهرم…

حضرت لقسم الطوارئ عن طريق سيارة الإسعاف…

امرأةٍ مصابة بطلق ناري قد أصابها قدمها…

إنها كبيرة بالسن…

ولكن من يجرؤ على إطلاق النار نحوها…

أكيد من أطلق النار بلا ضمير…

أو قد يكون في حالة توهان…

المهم تم استقبال الحالة وتوجيهها إلى قسم الطوارئ النسائي للكشف عليها…

هي في حالة طيبة…

ولكن من اطلق النار عليها…

لقد قالت بأنها أثناء تنظيف السلاح قد اصابت نفسها…

الإصابة بسيطة…

ولكنها داخل القلب توجع…

بينما العجوز بقسم الطوارئ النسائي…

احضرت الشرطة شاب ثلاثيني وهو في حالة سكر…

وحسب إفادة الشرطي الذي احضره بأنهم وجدوه يحمل مسدساً…

ويهدد المارة به…

وعند السؤال عن موقع الحادث…

تبين لنا أنه نفس موقع العجوز المصابة…

والتي احضرها اسعاف الهلال الأحمر…

وفجأة صار الشاب يصرخ ويبكي ويتمتم بكلمات غير مفهومة…

وعندما علا صراخه وصل إلى أذن العجوز…

وقالت للمرضة التي معها بأنه هذا الصوت صوت ولدها…

وطلبت منها احضاره…

وتم بالفعل احضاره إلى العجوز…

نعم لقد كانت المفاجأة…

هذا الابن هو من اطلق النار على قدم والدته… 

فهو تحت تأثير المسكر والمخدر…

وعندما رأته مكبلاً بكت وقالت انا من اطلقت النار على قدمي…

ليس ابني…

ارجوكم فكوا قيوده…

خلوا يجي عندي…

ارجوكم لا تسجنوه فليس له ذنب انا من اطلقت النار..

وعرفنا القصة كاملة…

هذا ابنها الوحيد…

ابتلاه الله بشلة سوء…

علموه الكأس والشم…

استغلوه أسوأ استغلال…

بدأها بسيجارة…

وانهاها بطلقة من مسدس يحمله…

وهو يحاول أن يسرق ذهب امه…

لتستقر الرصاصة بفخذ أمه العجوز…

التي حاولت بكل قوتها أن تبعده عن السجن…

ولكنها لم تفلح في ذلك…

لتبكيه ندماً ووحشةً…

كم نُشقي أهالينا…

وكم من دمعة تسببنا بها…

وكم من نصيحة رميناها خلف ظهورنا…

لنجد نفسنا في مأزق…

عندما تنصحك أمك فهي تريد الخير لك…

وعندما تنهاك فلأجل مصلحتك…

وانت في عنفوانك…

تصرخ بوجهها…

وتذيقها ألوان التمرد والعصيان…

ان قلب الأم قلب حانٍ…

قد يضيع بحنيته مستقبلاً كاملاً…

فيجب على الأم ان توزع حنيتها مع الحزم…

فكان يجب عليها أن تُبلغ عنه من زمن…

لعله يجد علاجاً فيستقيم…

فمستشفيات معالجة المدمنين منتشرة…

ولكن قد تكون على غير علم…

فأعلمي أيتها الأم…

بأنك مسؤولة عن مراقبة سلوك ابنك…

فلو لاحظتي عليه التغيير لا تنتظري وابلغي فيه…

أحد من عائلتك أو الشرطة…

قبل أن يتسع الأمر فلا يضيق ابداً…

ودمتم سالمين….