الورقة السادسة عشر..

أوراق مبعثرة… من حياة ممرض
فوزي بليله

الورقة 16 ( كاميرا ساهر)

أعادتني كاميرا ساهر إلى ذكرى قديمة…

فقد كان هناك مديراً قد سبق ساهر في استخدام الكاميرا…

لقد كان يضبط العمل بالمستشفى من خلالها…

بمجرد أن تعمل الكاميرا تجد الانضباط والحماس في العمل…

وبمجرد انطفائها يعود الهتان كما كان…

نعم انه يستحق أن يُلقب بمبتكر كاميرا ساهر…

لقد كان هناك طلبة من المعهد الصحي يتدربون بقسم الباطنة…

القسم الذي كنت اعمل به في ذلك الوقت…

كان الطلاب يتقاذفون الشريط اللاصق وكأنه كرة…

وكانت الكاميرا وقتها ترصد حركات العاملين…

لقد تقاذفوا كرة الشريط اللاصق ورحلوا…

ليأتي مدير المستشفى ليقوم بجولة بالقسم…

ولسوء حظي كنت اعمل بالغرفة الأولى بالقسم…

حيث حصلت عملية التقاذف…

ليفاجئني داخل غرفتي…

ويشرفني بزيارةٍ كريمة…

دخل علي الغرفة بينما كنت أقرأ في كتاب عن مهنتي…

وكان دائماً يرغب في ان يقف الموظفين احتراماً له…

وكنت عن غير قصد وبشكل دائم لا اقف له ليس بسبب قلة الاحترام…

ولكن هي عادتي…

المهم دخل علي الغرفة…

فأشار لي بيده لكي اقف…

فوقفت له…

أشار إلي لاقترب فاقتربت منه…

وكان هناك مريض في غيبوبة…

ثقيل الحجم…

كنت كل ما ارفعه إلى أعلى السرير يعود سريعاً لاسفله…

سألني قائلاً:

هل هذا المريض مرتاح بنومته؟

فأجبته:

كلما رفعته إلى أعلى السرير عاد إلى اسفله سريعاً لثقل بدنه…

فقال لي إذاً ضع تحت قدميه وسادة…

نعم انها فكرة جيدة لم تكن ببالي…

وبالفعل وضعت له وسادتين تحت قدميه…

وابتسمت لسعادته…

فنظر إليَ مرةٌ أخرى…

وأشار إلى مريض آخر يرقد في غيبوبة وقال:

مما يشتكي هذا المريض…

فقلت له:

لديه CVA…

فقال لي وماذا تعني…

فقلت له: Cerebrovascular accident .

فقال لي وماذا يعني…

فقلت له: حادث وعائي دماغي…

ليعود ويسألني مرة أخرى وماذا يعني…

فقلت له: جلطة دماغية وكاد ان يجلطني لولا صبري…

حيث قال لي بعد هذا الحوار أنا لم أسألك عن تشخيصه ولكني سألت عن شكواه…

فنظرت إليه والشرر يتطاير من عيني…

فتبسم بوجهي وقال أكيد انه يشتكي من الغيبوبة التي هو فيها…

فلم أجبه وكأنه احس بغضبي فقال لي:

معلوماتك جميلة وجميل أن تقرأ أثناء فراغك واتمنى أن يكون عملك مثل علمك…

فأجبته قائلاً: ان شاء الله…

وغادر الغرفة وعدت لكتابي…

الكاميرا للمراقبة وكثير يهابها وبمجرد غيابها يفعل ما يحلو له…

كم هو جميل لو كانت الكاميرا تنبع من داخلنا…

فنراقب به تصرفاتنا وسلوكنا ونقومه…

فغياب الضمير لن يجدي معه كاميرا المراقبة…

نعم هي تحد من تصرفاتنا الخاطئة ولكن بشكل فوري ولحظي…

ونحن نحتاج إلى حساب النفس قبل ان يحاسبها الأخرين…

وتذكر دائماً إذا عمل احدكم عملاً فليتقنه…

وليكن الاتقان ديدنونا في حياتنا لتستقيم اعمالنا كلها…

ودمتم سالمين…