الورقة الثانية عشر ( هاتف العملة )

الكثير من الأوراق مبعثرة بدماغي…

هناك أوراق لن استطيع كتابتها أو البوح بها…

وستظل بمكمنها السري…

وقد أكتبها في يوم ما وأنشرها…

فهناك ما يقال وهناك ما لا يقال…

وحياة الممرض ممتلئة بالذكريات…

لم أكن مهملاً بواجبي نحو مريضي…

ولكن كنت مشاغباً ومتمرداً في مواجهة الظلم…

والممرض أو الممرضة من المظلومين بالعمل…

لقد كان عندي مريض بقسم العناية المركزة…

وتم كتابة تحويل له من قسم العناية إلى الباطنة…

وقد قمت بتحويل المريض…

وقبل تحويله قمت بسحب العينات المخبرية المطلوبة له…

سلمت المريض إلى الممرضة المختصة بقسم الباطنة…

ولحرصي على اتمام عملي أخذت العينات إلى المختبر…

ولعدم وجود مرضى لدي بقسم العناية…

انتظرت بالمختبر لحين انتهاء الفحوصات…

وكنت على اتصال دائم بقسمي…

خوفاً من وجود حالة جديدة…

وبعد ساعة من الزمن…

انتهت الفحوصات وظهرت النتائج…

أخذت نتيجة الفحوصات وسلمتها للممرضة المشرفة على الحالة بقسم الباطنة…

وغادرت لتناول إفطاري…

وقد كانت الساعة حوالي الحادية عشر صباحاً…

وبعد تناول الفطور…

جاءني اتصال على هاتفي الجوال…

حيث كانت سيارتي متوقفة خلف أحد السيارات…

فهناك شح بالمواقف…

مستشفى ونعاني من قلة المواقف ومن تخصيص العديد منها لأصحاب القرار…

وأثناء رجوعي للقسم صدح المؤذن بأذان الظهر…

وحيث أنه لا يوجد لدي مرضى صليت جماعة مع قسم الطوارئ…

فقسمي ليس فيه سوى ممرضات…

وعند عودتي للقسم…

فاجأتني ممرضة زميلة بأن مشرفة التمريض من إدارة التمريض قد كتبت محضر ضدي لعدم تواجدي بالقسم…

فقلت لها خير إن شاء الله…

ولكن هل هناك من اشتى من تأخري…

فأجبتني بالنفي…

وهناك موقف سابق بيني وبين هذه المشرفة…

وقد ناصبتني العداء بعده…

وكلها أيام…

ويتم التحقيق معي بسبب عدم تواجدي…

ولقد بينت للمحقق بما حصل معي بلك اليوم…

وأجبته على كل أسئلته…

وجاء سؤال هل لديك أقوال أخرى؟

فكتبت نعم لدي أقوال أخرى…

لقد حدث سابقاً موقف بيني وبين المشرفة…

وتجادلنا وعلا صوتنا…

حول عملية تقسيم الحالات أثناء فترة عملي المسائي بقسم الباطنة قبل نقلي إلى العناية..

وكانت وقتها مشرفة على النوبة في ذاك المساء…

ولكن هل ظلّت طيلة وقت عدم تواجدي بالقسم تنتظرني؟ هكذا سألت…

وكيف تحاسبني قبل أن تحاسب نفسها وهي تستنزف الوقت أثناء عملها بالاتصال عبر هاتف العملة الموجود بالدور الثاني من المستشفى! هكذا استعجبت…

لقد كانت هناك كابينة خاصة بالاتصالات بالمستشفى…

وكانت الممرضات يتصلن من خلالها على بلدانهم أثناء الدوام الرسمي…

وكن يسرقن المكالمة بتعليق العملة المعدنية بطريقتهن الخاصة…

وكن يضعن الوقت باتصالاتهم الذي يقدر من نصف ساعة فأكثر…

إضافة إلى تجمع من العديد منهن بهذه النقطة للتحدث وترك مقر عملهن…

لقد كانت هذه المشرفة وبشكل يومي تتحدث عبر هذه الكابينة…

وقد كتبت في أقوالي أنها تريد أن تحاسبني وهي لم تحاسب نفسها على إضاعة الوقت بمهاتفة أهلها عبر الكابينة المتواجدة بالدور الثاني بالمستشفى…

وقفلت أقوالي…

وعند حضوري ثاني يوم لدوامي…

سمعت الممرضات يتحدثون عن زيارة مدير المستشفى بمساء الأمس…

وأنه اتجه إلى الدور الثاني مباشرة…

ووجد العديد من الممرضات واقفات أمام الكابينة…

وقد قام بتوبيخهن…

وتم إلغاء هذه الكابينة والتي كانت الوحيدة بداخل المستشفى…

وقد تم حفظ التحقيق بلا ضرر ولا ضرار…

لا تدع مواقف سابقة بداخل قلبك فتعمي بصيرتك…

ولا تترصد بغيرك لأجل فضحه…

وأعلم أننا بحياةٍ فانية…

ولن يبقَ لك سوى ذكرك الطيب…

فلا تكن حقوداً حسوداً…

وكن كنسمةٍ هبت فأنعشت…

ودمتم طيبين،،،،